عبد القادر الفطواكي
في خطوة اعتبرها مراقبون علامة فارقة في مسار توازن السلط وتكريس دولة القانون، قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية عدد من المقتضيات الأساسية في مشروع القانون رقم 02.23 المتعلق بالمسطرة المدنية، خاصة المادة 17 المثيرة للجدل، والتي كانت تتيح للنيابة العامة الطعن في أحكام قضائية نهائية.
وجاء في منطوق القرار، الذي اطلع عليه موقع "مواطن"، أن الفقرة الأولى من المادة المذكورة تخوّل للنيابة العامة، وإن لم تكن طرفًا في الدعوى، إمكانية طلب التصريح ببطلان كل مقرر قضائي مخالف للنظام العام، حتى بعد مرور خمس سنوات على اكتسابه قوة الشيء المقضي به، وهو ما اعتبرته المحكمة مساسًا بمبدأ الأمن القضائي وبحجية الأحكام النهائية.
واستندت المحكمة إلى فصول دستورية أساسية، أبرزها الفصل 126 الذي يجعل من الأحكام القضائية النهائية ملزمة للجميع، والفصل 117 الذي يُنيط بالقاضي، وحده، حماية حقوق الأفراد والجماعات وأمنهم القضائي. وعلى ضوء هذا التأصيل، رفضت المحكمة منح النيابة العامة صلاحية استثنائية مفتوحة تتيح لها الطعن في المقررات النهائية دون تحديد دقيق للحالات أو الضوابط القانونية الناظمة لذلك.
ولم يقف القرار عند المادة 17، بل شمل أيضًا الفقرة الرابعة من المادة 84، المتعلقة بإجراءات التبليغ، والتي تسمح بتسليم الاستدعاءات القضائية لأشخاص بناءً على مجرد التقدير أو التصريح، دون وجود يقين قانوني بشأن الصفة أو السن أو المصلحة. واعتبرت المحكمة أن هذه الصيغة تفتح الباب أمام التأويل والشك، وتحمّل أعوان التبليغ مسؤوليات تقديرية لا يجب أن يتولاها سوى النص القانوني، مما يُخلّ بمبدأ الأمن القانوني وحقوق الدفاع.
وشددت المحكمة على أن مقتضيات أخرى في المشروع – تتوزع على أكثر من ثلاثين مادة – أُحيلت على نفس الصياغة المعيبة، وبالتالي تعتبر بدورها غير مطابقة للدستور، مؤكدة أن المشرّع، وإن كانت له صلاحية تنظيم المسطرة المدنية، ملزم باحترام المبادئ الدستورية، وتحديد الضمانات بشفافية ووضوح دون ترك هامش واسع للتقدير الشخصي.
08 août 2025 - 08:00
07 août 2025 - 13:00
07 août 2025 - 09:00
06 août 2025 - 18:00
05 août 2025 - 12:00
31 juillet 2025 - 15:56