مواطن
في مبادرة علمية وثقافية غير مسبوقة، أطلقت جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P) بشراكة مع مهرجان كناوة وموسيقى العالم، "كرسي التقاطعات الثقافية والعولمة: تجربة كناوة كمختبر استراتيجي للتهجينات الثقافية"، تحت إشراف معهد الدراسات المتقدمة (IAS) التابع للجامعة. ويأتي هذا المشروع تتويجًا لسلسلة من الموائد المستديرة التي نُظّمت سنة 2024، والتي أرست أسس تفكير جماعي حول الديناميات الثقافية المرتبطة بتجربة كناوة.
يرتكز الكرسي على الإرث الغني والرمزي والثقافي لموسيقى كناوة، ويهدف إلى تحويلها إلى فضاء مفتوح للتفكير في قضايا العولمة، والتمازج الثقافي، وإعادة تشكيل الهويات في زمن التداخلات المعرفية والممارسات الفنية العابرة للحدود. ويسعى هذا الإطار العلمي الطموح إلى خلق جسور بين الفنانين والباحثين والممارسين من مختلف الآفاق، عبر حوارات تجمع بين الذاكرة والابتكار، وتربط بين العمق الروحي للفن الكناوي وتردداته في التعبيرات الموسيقية العالمية.
وستشهد دورة هذه السنة من مهرجان كناوة بالصويرة إطلاق الكرسي رسميًا من خلال تنظيم مائدتين مستديرتين عموميتين، تجمعان ثلّة من المفكرين والفنانين لمساءلة البعد الطقوسي والفني والكوني لهذا التراث المغربي الفريد.
مرّت الجلستان الفكريتان اللتان نُظّمتا يوم السبت 21 يونيو 2025 بفندق أطلس الصويرة رياض ريزورت، في أجواء غنية بالحوار والتفاعل، وأكدتا مرة أخرى أن كناوة ليست فقط فناً احتفاليًا بل موضوعًا خصبًا للتأمل الأكاديمي والنقاش الثقافي العميق. وقد شكّل هذا اللقاء ثمرة الشراكة بين مهرجان كناوة وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P)، من خلال "كرسي التقاطعات الثقافية والعولمة"، الذي أثبت حضوره كمساحة للتفكير في رهانات التهجين الثقافي وتحوّلات الهوية.
الجلسة الحوارية الأولى، التي حملت عنوان "الطقوس والصدى: الجوهر الروحي لموسيقى كناوة"، استقطبت جمهورًا متنوعًا من الباحثين وعشاق هذا الفن، حيث قُدّمت مداخلات معمّقة حول البعد الصوفي والرمزي والعلاجي لممارسات كناوة. وساهمت مداخلات كل من سينثيا ج. بيكر، زينب فايدي، والمعلم عبد القادر أمليل، في فتح زوايا متعددة لفهم الجذبة الكناوية وأصولها التاريخية والثقافية، ضمن حوار نشّطه كل من رافائيل ليوجييه ومروان جوات، وأثار نقاشاً حيّاً مع الحضور.
أما الجلسة الثانية، "كناوة ريمكس: عندما تلتقي الإيقاعات الأصيلة بالتيارات المعاصرة"، فقد شكّلت منصة استثنائية لتفكيك العلاقات الجديدة التي تربط موسيقى كناوة بالأنماط الموسيقية العالمية مثل الجاز والروك والإلكترو. وناقش المتدخلون، عبد الرحيم بورقية، شيكارا (ريتشي) إيناغاكي، والمعلم خالد سانسي، كيف أصبحت كناوة قادرة على الحوار مع لغات موسيقية مختلفة دون أن تفقد روحها الأصيلة، وهو ما فتح آفاقاً جديدة لفهم هذا الفن في زمن العولمة الفنية.
وقد لقي هذا البرنامج الفكري إشادة واسعة من قبل الحضور والمشاركين، لما تميّز به من جودة النقاشات وتنوع المقاربات، حيث جسّد بشكل ملموس الرؤية التي يقوم عليها "كرسي التقاطعات الثقافية والعولمة"، المتمثلة في خلق تفاعل خلّاق بين التراث والحداثة، وبين البحث العلمي والممارسة الفنية.
وتجسد هذه المبادرة الطموحة الدور الريادي الذي تلعبه جامعة UM6P في فتح آفاق جديدة للفكر المعرفي والثقافي بالمغرب، من خلال ربط التراث المحلي بأسئلة العولمة والهويات المتحركة، عبر نموذج كناوة كمجال خصب للتفاعل بين الأصالة والحداثة.
26 juin 2025 - 09:00
24 juin 2025 - 14:00
22 juin 2025 - 21:00
22 juin 2025 - 09:00
21 juin 2025 - 20:00