بقلم : عمر لمغيبشي
الأنباء الأخيرة عن إغلاق بعثة المينورسو لعدد من نقاط المراقبة في المنطقة العازلة وأخرى داخل الأقاليم الجنوبية المغربية ليست مجرد تفاصيل عابرة، بل تحمل في طياتها إشارات سياسية واضحة إلى تحوّل نوعي في مسار قضية الصحراء التي عاشت لعقود طويلة على وقع الجمود.
فمنذ 1991 ارتبط وجود المينورسو بمراقبة وقف إطلاق النار وتنظيم استفتاء حول تقرير المصير، غير أنّ التجربة أثبتت استحالة هذا الاستفتاء لأسباب تاريخية وديمغرافية وسياسية. ومع مرور الزمن تحولت البعثة إلى جهاز إداري محدود التأثير، لا يقدّم أي إضافة حقيقية لمسار الحل. التطورات الأخيرة تبيّن أن حضورها يقترب من نهايته الطبيعية، وأن مرحلة جديدة بدأت تتشكل على أرض الواقع.
وفي هذا السياق، كشف مصدر مغربي لموقع يابلادي أن المينورسو تستعد لإغلاق ثلاث نقاط مراقبة، اثنتان منها شرق الجدار الرملي وأخرى داخل الأقاليم الجنوبية تحت سيطرة القوات المسلحة الملكية، وهو ما يعكس تحولاً ميدانياً لا يمكن تجاهله. من جهته، اعتبر تقرير صادر عن Atlantic Council، وهو أحد أبرز مراكز الفكر الأمريكية، أن المينورسو لم تعد قادرة على الاستجابة للتحديات الجيوسياسية الحالية، مؤكداً أن الحل الواقعي بات يتمثل في المقترح المغربي للحكم الذاتي.
في المقابل، عزّز المغرب حضوره الميداني والسياسي والمؤسساتي في أقاليمه الجنوبية، من خلال مشاريع تنموية كبرى مثل ميناء الداخلة الأطلسي، محطات الطاقة المتجددة، البنيات التحتية الحديثة، والاستثمارات في الفلاحة والصيد البحري والسياحة. هذه الأوراش تعكس ممارسة عملية للحكم الذاتي قبل أن يكون مجرد مقترح على الورق، وتجسّد السيادة المغربية من خلال التنمية والاستقرار.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أشار في تقريره الأخير إلى التزام المغرب بوقف إطلاق النار وتعاونه الكامل مع المينورسو، مشيداً بمبادرته لوقف الأعمال العدائية خلال شهر رمضان، وهو ما يعزز صورة المغرب كشريك مسؤول في استقرار المنطقة.
على المستوى الدبلوماسي، شهدت الأيام الأخيرة سجالاً في مجلس الأمن، حيث ردّت ماجدة موتشو، نائبة السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، على محاولات الوفد الجزائري الدفع نحو إضافة مراقبة حقوق الإنسان لمهام المينورسو، واعتبرت ذلك استغلالاً سياسياً انتقائياً يخرج عن السياق الرسمي المعترف به. هذا الموقف يعكس أن الصراع لم يعد فقط حول الأرض، بل أيضاً حول الشرعية السياسية والقراءة الدولية للقضية.
إن المرحلة المقبلة ليست مرحلة تفاوض على سيادة المغرب، فهي محسومة تاريخياً وواقعياً، بل مرحلة تثبيت الحل النهائي عبر الحكم الذاتي كصيغة ديمقراطية تضمن مشاركة ساكنة الصحراء في تدبير شؤونهم المحلية في إطار السيادة الوطنية. الواقع أن المجتمع الدولي، ومعه القوى الكبرى، بات أكثر ميلاً نحو دعم هذا الخيار العملي، في حين تراجعت الأطروحات الانفصالية إلى مجرد شعارات بلا سند واقعي.
اليوم، المغرب هو من يقود المسار بسيادته ومشاريعه التنموية، فيما يتجه المجتمع الدولي بخطى متزايدة نحو دعم هذا الخيار الواقعي. إننا أمام لحظة فارقة تؤذن بانتهاء زمن المينورسو وبداية عهد جديد عنوانه: الحكم الذاتي، والتنمية، والاستقرار.
25 septembre 2025 - 10:00
24 septembre 2025 - 20:00
24 septembre 2025 - 11:00
24 septembre 2025 - 10:00
24 septembre 2025 - 09:00
18 septembre 2025 - 18:15
19 septembre 2025 - 12:10