عبد القادر الفطواكي
قبل أسابيع قليلة من صافرة انطلاق كأس إفريقيا "المغرب 2025"، يعود الجدل حول وليد الركراكي ليحتل واجهة النقاش الكروي الوطني. تتعالى الأصوات المنتقدة، تُقلَّب الوديات بعدسة شديدة الحساسية، ويُقرأ كل تعثر وكأنه مؤشر على فشل وشيك… رغم أن البطولة لم تبدأ بعد. وبين ضوضاء التقييمات المتسرّعة، يبرز سؤال أكثر عقلانية: ألا يستحق الرجل قدراً من الرفق والثقة؟.
منذ تولّيه القيادة التقنية لـ“أسود الأطلس”، بنى الركراكي مشروعاً واضح المعالم: انضباط داخلي غير مسبوق، عمل تكتيكي متماسك، وأرقام تزيح الشك قبل النقد؛ 17 انتصاراً متتالياً، قهر لمنتخبات بحجم البرازيل والبرتغال وبلجيكا وتشيلي، وقفزة تاريخية نحو المركز 11 عالمياً.
ورغم ذلك، تكفي بعض الوديات الباهتة لفتح الباب أمام موجة تشكيك جديدة، تُقرأ خلالها قرارات مثل إعادة رومان سايس أو تغيير مراكز بعض اللاعبين كـ“أخطاء قاتلة”، وتُحمَّل للخطة الدفاعية كل هنّات الفريق، دون اعتبار لظروف التجريب، ولا لمرحلة البناء التي تسبق أي بطولة كبيرة.
الحقيقة أن ما قبل المنافسات الكبرى ليس امتحاناً نهائياً، بل مرحلة اختبار مفتوح: تجريب خيارات، تقييم جاهزية، بحث عن توليفة نهائية قد لا تظهر إلا في الأمتار الأخيرة. الركراكي نفسه يقولها بوضوح: الباب مفتوح لمن يثبت أحقيته، ولا مكان إلا لمن يقنع.
لكن الصورة الكاملة لا يراها إلا المدرب: الحالة البدنية، الانسجام، الضغط، التوازن النفسي، والمردود اليومي داخل المعسكر… وهي معطيات تغيب عن الجمهور وتؤثر بشكل مباشر في اختياراته.
وفي الوقت الذي تستمر فيه الانتقادات، تُطرح روايات حول “ضمانات” أو “شروط” لبقاء المدرب على رأس المنتخب حتى كأس العالم 2026. تقارير تشير إلى أن مصير الركراكي أصبح مرتبطاً –بشكل شبه مباشر– بنتائج كأس إفريقيا المقبلة بالمغرب؛ وأن الوصول إلى النهائي هو السقف الأدنى المطلوب لتأمين استمراريته وتفادي سيناريو الإقالة بعد “الكان”.
هذه التسريبات، مهما كانت دقتها، تعكس حقيقة واحدة: الضغط كبير، والتوقعات أكبر. لكن المفارقة أن المطالبة بالاستقرار تترافق دائماً مع حملات نقد حادة، بعضها مشروع، وبعضها ممزوج بالعاطفة أو القراءة التجزيئية للأداء.
في المقابل، يتفق خبراء اللعبة على أن تغيير المدرب قبل أشهر قليلة من مونديال ضخم في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، هو مقامرة غير محسوبة. الركراكي، بما راكمه من إنجازات تاريخية، وبما أثبته في أصعب المحطات، يملك ما يكفي ليستكمل المشروع، على الأقل إلى ما بعد “الكان”.
إن منتخباً يطمح إلى اللقب لا يمكن أن يدخل لغمار المنافسة على وقع التشكيك. المعنويات نصف الطريق نحو البطولة، والثقة مناخ لا ينتصر بدونه أي فريق.
في نهاية المطاف، يبقى الركراكي أكثر من مجرد مدرب عابر؛ فهو مهندس مشروع وطني أعاد للكرة المغربية هيبتها وجرأتها وتنافسيتها على أعلى المستويات. وبين ضغوط اللحظة وتقلّبات الأداء، يظل الحكم العادل هو ذاك الذي يُؤجَّل إلى ما بعد المعركة، لا قبلها. إن المنتخب بحاجة إلى الهدوء، والجمهور بحاجة إلى الثقة، والمشروع بحاجة إلى أن يُستكمل دون ارتباك أو تسرّع.
رفقاً بوليد الركراكي… فالرجل لم يقل كلمته الأخيرة بعد.
10 novembre 2025 - 11:00
03 novembre 2025 - 17:00
20 octobre 2025 - 20:00
03 octobre 2025 - 09:40
29 septembre 2025 - 20:00
عندكم 2 دقايق08 novembre 2025 - 13:00
06 novembre 2025 - 16:00
07 novembre 2025 - 14:00
07 novembre 2025 - 18:00