نهاية العام الماضي، وبينما كان عدد من العمال قد بدأوا أشغال حفر بمكان مهجور يسمى دار البارود قرب السور التاريخي بمدينة سلا، من أجل بناء مركب ثقافي وفني، بدعم من مؤسسة محمد الخامس للتضامن ووزارة الثقافة والمجلس البلدي والإقليمي بسلا، تفاجئوا بوجود بقايا أثرية على عمق خمسة أمتار، ليتبين فيما بعد أن الأمر يتعلق باكتشاف أثري غير مسبوقة بالمدينة.
دار البارود كان مكاناً فارغاً، وقد بدأت الأشغال فيه بداية غشت من عام 2016 من قبل شركة، ولاحظ العمال وجود بقايا أثرية، وتبين فيما بعد أن الأشغال لم تحصل على رخصة، بما أن المدينة القديمة لسلا مُصنفة تراثاً وطنياً يستلزم أخذ موافقة من وزارة الثقافة ووكالة تنمية وادي أبو رقراق. وقد تدخلت هذه الأخيرة لإيقاف أشغال البناء لغياب الرخصة.
بعد ذلك قامت وكالة تنمية وادي أبورقراق ومفتشية المباني التاريخية بوزارة الثقافة بإطلالة على الموقع الأثري، وطلبت خبرة من طرف المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، التابع لها، والذي يتوفر على خبراء أركيولوجيين ومختصصين في هذا المجال، وتم تشكيل لجنة علمية خاصة لدراسة هذا الموقع الأثري.
أول خبرة قامت بها هذه اللجنة خلصت إلى أن البقابا الأثرية بدار البارود مهمة جداً، وتعود للفترة الوسيطية، أي ما بين القرن الثاني عشر والرابع عشر ميلادي، كما وجدوا العديد من الأفران التي تعرضت للكسر يقدر عددها 20 فرناً، ولم يستبعدوا أن يكون الموقع عبارة عن حي للخزف يعود لفترة سابقة لم تكن معروفة من تاريخ مدينة سلا.
من خلال حفريات الإنقاذ التي قامت بها خبراء المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، تأكدت فرضية أن المكان يتعلق بحي خاص بالخزف، هو الأول من نوعه في المغرب وشمال إفريقيا.
يقول محمد بلعتيق، الباحث بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث ورئيس البعثة الأثرية لدار البارود، إنه "من الصعب جداً العثور على حي للفخار يعود للفترة الوسيطية، خاصة مع الزحف العمراني".
أهمية هذا الاكتشاف الأثري، حسب بلعتيق، تكمن في الكشف عن هذا التاريخ المجهول لمدينة سلا، حيث لا تتوفر أية مصادر أو معطيات تاريخية تثبت أن هذا الحي كان في فترة زمينة محددة، لكن مع هذا الاكتشاف واعتماداً على الخزفيات، باعتبارها من وسائل التأريخ النسبية، يمكن دراسة الفترة الوسيطية للمدينة، وخاصة الفترة إسلامية، ما بين القرن 12 و14 ميلادي.
وحسب بلعتيق، فإن أن حرفة الخزف لم تكن معروفة كثيراً بمدينة سلا، لأنها معروفة في مدينة آسفي والولجة نواحي تاونات. لكن هذا الاكتشاف بقدر ما هو مهم من الناحية الأركيولوجية والتاريخية، بقدر ما قد ستكون نهاية مشروع المركب الثقافي والفني بسلا، حيث يوجد المسؤولون أمام خيار الحفاظ على الاكتشاف الأثري، والبحث عن مكان آخر لبناء المشروع الفني، أو بناء مشروع مندمج يجمع بين الشقين.
ويعتبر المكان المجاور لدار البارود أقدم جزء من سور مدينة سلا، وقد بني من طرف بني العشرة المنتمية لقبيلة بني يفرن في القرن 11 ميلادي، حيث استعصت على الموحدين السيطرة على المدينة فهدموا أسوارها ثم أعادوا بناءها.
05 septembre 2025 - 14:00
03 septembre 2025 - 13:00
01 septembre 2025 - 14:00
30 août 2025 - 16:40
29 août 2025 - 13:00
18 septembre 2025 - 18:15
19 septembre 2025 - 12:10