عبد القادر الفطواكي
قليلة هي القضايا التي اختبرت حدود الصحافة في المغرب مثل قضية الممثلة والمؤثرة غيثة عصفور. فبينما بدأت الواقعة بشكاية رسمية وتدخل للشرطة، تحولت بسرعة إلى قضية رأي عام، لتجد قناة "شوف تيفي" نفسها في قلب عاصفة من الاتهامات تشهير، ركوب على الفضائح، وانعدام المهنية. لكن، هل ما حدث فعلًا يدخل في باب الانزلاق الصحفي، أم أن ثمة مبالغة مقصودة في الإساءة لدور القناة؟
الواقعة الإخبارية واضحة بدأت بشكاية، تدخل رسمي للشرطة، وجود شخصية معروفة وسط الحدث. هذا ما يكفي لجعل الموضوع خبرًا عامًا يستحق النشر، وفق المعايير المعمول بها في كبريات التجارب الإعلامية. وقد اكتفت "شوف تيفي" بنقل المعطيات المؤكدة دون تفاصيل حميمية، ولم تُصدر أحكامًا مسبقة. بل أكثر من ذلك، توقفت عن التغطية فور تدخل القضاء، وحذفت موادها احترامًا لقرار المحكمة. فأين التشهير المزعوم إذن؟.
المفارقة أن جزءًا كبيرًا من التضخيم لم يصدر عن "شوف تيفي"، بل عن منابر وصفحات نصّبت نفسها "حامية للأخلاق"، بينما كانت في الواقع تنسج تفاصيل لم ترد أصلًا في التغطية الأصلية. وبذلك تحوّل النقد من نقاش مهني مشروع إلى حملة تصفية حسابات ضد قناة باتت رقمًا صعبًا في المشهد الإعلامي ـبالارقام والاحصائيات الفلكية التي تحققها بطبيعة الحال ـ.
في زمنٍ تهاوت فيه معايير المتابعة داخل قاعات التحرير الكلاسيكية، وذبل فيه الحبر على صفحات الجرائد، انبثقت تجربة إعلامية غيرت قواعد اللعبة: "شوف تيفي"، القناة التي اختارت أن تنزل من أبراج التنظير إلى قلب الشارع، لتجد نفسها على عرش المتابعة بلا منافس.
القضية، في جوهرها، تكشف هشاشة الحدود بين السبق الصحفي والتهييج الإعلامي في المغرب. لكنها أيضًا فرصة لطرح الأسئلة الكبرى: ما حدود التغطية في قضايا ذات طابع شخصي؟ ما الذي يمكن أن نعتبره شأنًا عامًا حين يتعلق الأمر بشخصيات عمومية؟ وهل يجوز أن نواصل اختزال أعطاب الصحافة المغربية في "شوف تيفي" وحدها، بينما المشهد كله يحتاج إلى إعادة بناء؟.
في النهاية، لا يمكن القفز على حقيقة أن "شوف تيفي" كانت السبّاقة إلى التقاط خيوط قضايا شغلت الرأي العام، وفيةً لخط تحريري يراهن على السبق والقرب. وإذا كان تسريب أسماء مشاهير موقوفين أمرًا طبيعيًا في أي منظومة إعلامية مفتوحة، فإن تحميل القناة وزر التضخيم اللاحق للأحداث فيه قدر من التعسّف. فمديرها أوضح أكثر من مرة أن المنصة لا تفرض على الناس كيف يتفاعلون مع الأخبار، بل تكتفي بنقلها.
الهجمات التي طالت "شوف تيفي" لا تختلف في جوهرها عن المحاكمات الافتراضية التي تُصدر أحكامها بلا مرافعة ولا دفاع. ومع ذلك، فإن الأرقام تظل أبلغ من كل خطاب 18 مليون زائر فريد، و66 مليون مشاهدة يومية، وطاقم يضم أزيد من 220 متعاونًا. أرقام تحوّل القناة من مجرد منصة رقمية إلى "ظاهرة اجتماعية" تزعج خصومها مقابل منح صوت مسموع لملايين المغاربة داخل وخارج أرض الوطن.
15 juillet 2025 - 20:00
07 juin 2025 - 20:00
10 mars 2025 - 20:00
04 août 2024 - 20:00
05 janvier 2024 - 12:00